
حادثة تَعَرُّض السلطة الفرنسية لنا
في السابع عشر من المحرم 1338ه، (12 أكتوبر 1919م) ذهبت من بيروت إلى طرابلس والقلمون في سيارة فأقمت فيهما ستة عشر يومًا طلبت في أثنائها من الحكومة إعادة وقف جامع القلمون إليَّ؛ إذ كنت الإمام والمتولي الشرعي لها وكانت إدارة الأوقاف تولت أمره منذ بضع سنين وحال انقطاع المواصلات بالحرب العامة دون مطالبتي إياها بإعادته إليَّ كما كان في عهد والدي – رحمه الله تعالى – فوافقت لجنة الأوقاف بطرابلس على إعادته، وقررت باتفاق الآراء أنني المتولي الشرعي وكتب مأمور الأوقاف بذلك إلى مدير أوقاف الولاية في بيروت فأزمعت الذهاب إلى بيروت لإتمام هذا الأمر الذي جرى لي فيه من العبر ومعرفة الخلل في الحكومة وأخلاق رجالها وسيرتهم ما يعلم به أن جل ما تشكو منه البلاد فهو من أهلها أو بمساعدتهم ويستحق أن يفرد له فصل خاص، وإنما كلامنا الآن في الحال السياسية.
في الثالث من صفر (28 أكتوبر) أخذت ورقة للسفر من طرابلس إلى بيروت في باخرة فرنسية تسافر من الميناء ليلاً وكنت في الميناء فأردت النزول إلى الباخرة فقيل لي إن السفر يتوقف على توقيع السلطة الفرنسية على جواز السفر- وهذا لم يكن من قبل – وكان من التسهيل غير المنتظر أن الشرطة وقّعت على الجواز إذ عرضه عليها من تبرع لذلك من معارفنا ومعارفهم، ولا أدري أكان في ذلك دخل متوخى أم لا، ولكننا لم نكد نضع متاعنا في الزورق مع متاع كثير من المسافرين إلا وفاجأنا الشرطة ففتحوا جميع صناديقي والأسفاط ومحفظة الورق ومحفظة النقود وبطائق الزيارة وفتشوا كل ذلك تفتيشًا دقيقًا لم يغفل فيه طيات الثياب ولا جيوبها ثم فتشوا جيوبي وأخذ شرطي جميع الأوراق ودعاني إلى الذهاب معه إلى إدارة المكس ( الجمرك ) فذهبنا وأعيد المتاع إلى حيث كان، وطفقوا هناك ينظرون في الأوراق نظرًا دقيقًا وكان جل عنايتهم وأشد دقتهم فيما ظنوا بجهلهم وغباوتهم أن فيه أسرارًا سياسية ينال مكتشفها أسنى الجوائز عند السلطة الفرنسية وهو فهرس وضعته للجزء الثامن من تفسير القرآن راعتهم أرقامه، فظنوا فيها الظنون على أنني أخبرت الباحث فيه بأنه فهرس لكتاب في التفسير، فقال: يمكن أن يكون كتب في أثنائه شيء سياسي ! !
ولما طال هذا البحث استأذنت الشرطي في الذهاب إلى دار نسيبي الشيخ حسن الصفدي لأجل العشاء وصلاتي العشاءين وتغيير الثياب فأبى وقال: إن رئيسه (لبنان بك) أمر أن أبقى ثَم إلى أن يجيء هو من المدينة إلى الميناء.
ثم في أثناء الساعة الثالثة بعد الغروب جاء شرطي ( أوقومسير) اسمه (حنا) على ما أتذكر، وقال إن لبنان بك أرسله بالنيابة عنه ليأخذني إلى دار الحكومة في المدينة لأجل توقيفي فيها (التوقيف في عرف الحكومة التركية هو الحبس المؤقت) فاستأذنته بما استأذنت به الأول فلم يأذن وذهبنا إلى المدينة بالترام فوضعوني في حجرة من حجر الشرطة نوافذها مكسرة الزجاج وكان فيها مصباح صغير فيه قليل من زيت البترول نفد فانطفأ ولم يجد من في الحجرة من الشرطة غيره وكان الماء مقطوعًا عن دار الحكومة، وليس في المراحيض ورق للاستنجاء فكان التخلي فيها متعذرًا على أمثالنا كما كان النوم متعذرًا لأن هواء الليل في طرابلس يأتي من ناحية الجبل الذي يعلوه الثلج فيكون باردًا جدًّا كما يكون هواء النهار حارًّا بالنسبة إليه، ولا سيما في تلك الأيام من فصل الخريف.
ثم جاءنا الشرطة بفانوس كانوا ينقلونه من حجرة إلى أخرى، ثم قالوا: إن الحاكم العسكري قد حضر فأخذوا الفانوس وأصعدوه على نوره إلى حجرته وتركوه لهذ فيها، وقد بلغني بعد ذلك أن سبب مجيئه ليلاً على خلاف العادة أن بعض المقربين إليه من الوجهاء علموا بمسألة توقيفي فبلغوه ذلك إذ كان يريد النوم وأنذروه أنه إذا بقي هذا الرجل موقوفًا إلى النهار وعلم الناس بذلك فلا يؤمن أن يثوروا ويهجموا على دار الحكومة لإخراجه عنوة وتكون فتنة كبيرة، وقد ظل الحاكم مع ترجمانه ينظران في الأوراق ساعة و30 دقيقة وبلَّغني ترجمانه عنه ما يأتي:
إنك جئت إلى هنا وكان البوليس السري يتعقبك، ولما نزلت إلى البحر أخذوا أوراقك فوجد فيها شيء يدل على أنك تشتغل بالسياسة وفيها ما يدل أيضًا على أنك رجل مهم غير عادي[1] فأنا لا أريد أن أوقفك هنا وإذا كنت تريد السفر إلى بيروت فتابع سفرك إليها وأنا أرسل أوراقك إلى حاكمها الإداري ليرى رأيه فيها.
قلت: أحسنت صنعًا فرجالكم في بيروت أجدر بمعرفتي وإنصافي منك وإني لأشهر مما تدل عليه الأوراق، قال: إنك لم تزرني لأعرفك.
ثم قال الترجمان للشرطي (أو القومسير حنا) الذي صحبني: خذ هذه الأوارق (وكانت قد وضعت في ظرفين كبيرين خُتِما بالشمع الأحمر ولا يزالان عندي) وهذا المكتوب وأعطوها لبوليس يسافر مع الشيخ إلى بيروت إلى دار الحكومة فيها ويجب أن تُفهموا هذا البوليس أن يكون رفيقًا بغاية الأدب لا كما كانوا يفهمون من قبل أنهم مسيطرون على من يصحبونه يتحكمون فيه ويهينونه، وأعطاه ورقة أخرى من الحاكم إلى رئيسهم بلبنان.
ثم صافحت الحاكم ونزلت معه إلى خارج دار الحكومة حيث ركبت عربة وركب معي نسيبي الشيخ حسن وأخي السيد إبراهيم أدهم وهما لم يفارقا دار الحكومة منذ جاءا معي، وركب معنا شرطي يحمل الورق وقصدنا الميناء فألفينا (لبنان) في الطريق عائدًا منها فأعطاه الشرطي رقعة الحاكم له فأرجعنا إلى دار الحكومة ولم يرض أن أسافر في البحر، وأمر حنا بأن يستأجر لي عربة من مالي ويرسلني في البر وكان يتكلم بغلظة وخشونة وعظمة الحاكم القاهر المستبد، ووكل إلى حنا تنفيذ الأمر وذهب.
وفي أثناء الساعة الثالثة الزوالية بعد نصف الليل أحضرت المركبة ( وأجرتها 450 قرشًا مصريًّا صحيحًا كما زعموا وليس لي أن أعارض ) والشرطي الذي يحمل الورق فأوصاه حنا بما يأتي:
إذا صادفت في الطريق أحدًا يريد أخذ الأوراق فأطلق عليه الرصاص وإذا أراد أحدٌ أخذ الشيخ منك فأطلق الرصاص على رجل الشيخ (أو قال رجليه) وعلى من يحاول أخذه.
ثم ركب معنا حنا نفسه وجندي مسلح إلى أن تجاوزنا بساتين طرابلس لئلا يكون أحد من الأهالي علم بأمرنا وكمنوا بين الأشجار ليأخذوني عنوة، وهو يجهل أن مثلي لو كان جانيًا لترفع عن الهرب، فكيف وهو يعلم أنه ليس في أوراقه ما يمكن أن تعاقبه عليه السلطة الفرنسية مهما يكن ضغطها على المسلمين شديدًا في ذلك الوقت مقاومة للفكرة العربية والتعلق بفيصل، ولو عاقبته لما زاده عقابها إلا رفعة قدره، على أن الشرطي الذي أرسل معي كان مسلمًا فلم يكن محتاجًا إلى التوصية بالتأدب معي بل كان من أولياء بيتنا ويتمنى لو يكون في خدمتي طول عمره، وكان إرساله معي مما أثار عجبه وعجبي فكيف وقد أوصي بتلك الوصية الحمقاء التي كان يتلذذ بمثلها أولئك المتعصبون من أوشاب اللبنانيين الذين يعتقدون أن فرنسة حكَّمتهم في أشراف المسلمين وعلمائهم – بله عامتهم – تقربًا إلى يسوع المسيح والرسل والقديسين فكانوا حجة على فرنسة بأنها إما ظالمة سيئة الإدارة وإما متعصبة سيئة النية، وسببًا لشدة نفور المسلمين واستيائهم منها وتفضيل الإنكليز عليها وشرًّا على وطنهم بإلقاء البغضاء والتفريق بين الفريقين الكبيرين من أهله كما يعلم مما مر في هذه الرحلة، ومن بقية هذا الفصل منها، على أن هذا كان مفيدًا للمسلمين من حيث إنه قوَّى فيهم نزعة الجنسية العربية وحب الاستقلال ومعرفة قيمته كما قوَّى فيهم روح الدين وأعاد إليهم بعض ما فقدوا من هدايته، وكان جميع المشتغلين بالسياسة من خصوم الاحتلال الفرنسي يسرون بسوء تصرفها وتصرف أعوانها ولا يحبون أن تحسن الإدارة لئلا يميل إليها الجمهور.
ولو كان أمثال (لبنان وحنا) ممن اصطفاهم الفرنسيس من بيوتات لبنان المعروفة أو من الأفراد الذين تربوا تربية ترفع من خسة المنبت ووراثة السوء لِما كانوا يعاملون مثلي بهذه المعاملة وإن أُمروا بها أمرًا بل كانوا ينصحون للأجنبي الذي يأمرهم به بمثل ما ينصح لحاكم طرابلس العسكري من حملوه على خروجه من داره ليلاً ليتلافى بنفسه ما كان أمر به، فأما أبناء البيوتات فإنهم ورثوا الأدب الشرقي في احترام الأسر الشريفة والعشائر المحترمة، وأما أبناء التربية الحسنة فيعرفون قيمة العلم والأدب ويحترمونه بالطبع فينزهون أنفسهم معهم عن سوء الأدب.
وأما ما كان من أمر هذه الحادثة في بيروت فهو أننا لما وصلنا إليها وكان ذلك بعد المغرب من يوم الأربعاء صادفنا في الطريق إلى دار الحكومة بعض الأصدقاء فسار أحدهم معنا إليها وانتظر آخرون ما يعود به من الخبر ليبنوا على ما يقع لنا ما يجب أن يعمل لتلافيه إن كان شرًّا، ولمَّا دخلت دار الحكومة لقيت فيها لدى الباب الشيخ عبد الكريم اليافي نقيب أشراف بيروت من أصدقائنا الأولين[2] وهو موالٍ للسلطة الفرنسية فسألني بعد التحية عما جاء بي إلى دار الحكومة في ذلك الوقت فأخبرته فأخبر حاكم بيروت أو نائبه بخبري مقرونًا بالثناء والتزكية والضمان غير الرسمي، فرضي بأن أخرج وأكون حرًّا في بيروت إلى أن ينظروا في هذه الأوراق وينصفوني فيها بشرط أن لا أعمل أعمالاً سياسية مضادًا لهم فيها.
تقريري للمندوب الفرنسي السامي
كان هذا الحدث وسيلة لي إلى كتابة تقرير للمعتمد الفرنسي بدأته بالتذكير بما دار بيني وبينه وشرحت فيها ما كنت أجملته في الحديث معه يوم لقائه من اضطهاد المسلمين بما لم أكن أعلمه يومئذ لقرب العهد بالوصول إلى بيروت ومنها كون النسبة إلى العرب من كبار الذنوب السياسية مع كونه هو وكثير من كبار رجال فرنسة قد صرَّحوا بأنهم يريدون إحياء الجنسية العربية ولغتها ومدنيتها.
وختمت المذكرة بسوء تأثير هذه الحادثة في أنفس المسلمين الذين صاروا يتعجبون لما كانوا يسمعون من حسن سيرة فرنسة وسوء سيرة الدولة العثمانية، وقد تبين لهم أن الترك أعدل وأرحم وأبعد عن التعصب وأحسن إدارة من الفرنسيس، فصاروا يسألون عن سبب سوء صيت الترك وحسن صيت الدول الأوربية إلخ.
اعتذار المندوب السامي وغيره
أرسلت المذكرة إلى المندوب )القومسير( السامي فلم ألبث أن دعيت إلى مقره الرسمي )القومسيرية وكان ذلك في 8 نوفمبر( فقابلني فيها )مسيو رودريكس( معاون مدير الأمور السياسية؛ لأنه يحسن العربية وكان هو المترجم بيني وبين المندوب عند تلاقينا منذ شهر فرحَّب بي أجمل الترحيب وبلغني شدة أسف المندوب السامي لوقوع الحادثة وأنه كان يود لو يلقاني ليعتذر لي بنفسه لولا أنه أصيب منذ ثمانية أيام بإسهال تحول إلى دوسنطارية وأنه كلفه الاعتذار باسمه، وأن يخبرني أن الحاكم العام مسيو )نيجر( سافر أو يسافر إلى طرابلس لأجل هذه الحادثة ليحقق الأمر فيها ويعاقب المسيئين وأنه سيعزل حاكم طرابلس لأجلي، وكلفه أن يخبرني أيضًا بأن الحكومة الفرنسية مستعدة للقيام بكل ما أطلبه من التعويضات المالية والأدبية – وكرر عليّ ذلك قائلاً مهما تطلب من التعويض يؤدَّ بكل ارتياح.
قلت: إنني لا أطلب تعويضًا ماليًّا وإنني لم أخسر من المال شيئًا يذكر وأما معاقبة المسيئين من الشرطة وغيرهم فهو لمصلحتكم؛ لأنه يرفع عنكم تهمة تعمد إهانة المسلمين وظلمهم وأنا لم أخسر شيئًا من مقامي الأدبي بظلمكم إياي بل ذلك مما يرفع مقامي في نظر أهل وطني وغيرهم، إلا أن حاكم طرابلس أمسك عنده أوراق وقفنا فأنا أطلبها للسعي في إنجاز العمل فيها.
قال: إذا أنت لم تطلب لنفسك شيئًا فأنا أطلب منك باسم الوطن السوري أن تترك مصر وتقيم هنا وتشتغل بإصلاح بلادك فهي أولى بك؛ لأنها فقيرة من الرجال ونحن في حيرة من هذا الفقر، نريد إنشاء مجمع لغوي وأن تكون أنت العضو الأول فيه، وفي البلاد مصالح إسلامية خاصة أنت أولى بإصلاحها أو إدارتها ونود أن تكون مستشارًا للحكومة العليا في البلاد لتكون خدمتنا لها على الوجه المُرضي للمسلمين أصحاب الأغلبية في البلاد وأن إدارة هذه البلاد من أشق الأمور وأصعبها لكثرة الأديان والمذاهب المتعادية فيها (وذكر أكثرها وأطال في استمالتي والثناء عليّ بلطفه وبشاشته).
فشكرت له هذه العناية والثناء واعتذرت عن الانتقال من مصر إلى سورية بما لا حاجة إلى الإطالة به.
وكان اتفق في هذه الأثناء أن دعا الحاكم العام للولاية (موسيو نيجر) أكابر وجهاء المسلمين المعارضين لتأليفهم وسماع ما ينكرون على السلطة الفرنسية وما ينقمون منها، فكان أشد ما ذكر له مما نقموا وأنكروا حادثتنا هذه، تكلم فيها في ذلك الاجتماع وغيره أكبر العلماء مفتي الولاية الشيخ مصطفى نجا والشيخ أحمد عباس وأيدهما كبار الوجهاء المشهورون بالشجاعة الأدبية كالمرحوم أحمد مختار بيهم وأبي علي سلام، فأكبروا من شأن صديقهم خادم الإسلام والوطن فحمل ذلك الحاكم على أن يطلبني ليسمع تفصيل الحادثة مني فاتفق أن طلبني مدير الأمن العام في الوقت الذي حدده لي كتابة.
جئت دار الحكومة بعد العصر من ذلك اليوم فقابلت مدير الأمن أولاً فأعطاني أوراقي وبلغني عن حاكم مدينة بيروت الإداري أنه يجب أن أسافر إلى مصر في أول باخرة تسافر من بيروت إلى الثغور المصرية، ثم دخلت على الحاكم العام فرحب بي واعتذر عن الحادثة متأسفًا لوقوعها وقال: إنها بلغته من مصادر مختلفة فأحب أن يعرف الحقيقة مني قبل سفره إلى طرابلس فلخصتها له، فأعاد التلطف في الاعتذار ووعد بالتحقيق ومعاقبة المسيئين فقلت له: ذلك شأنكم، ولكن مدير الأمن العام بلغني الآن أنكم حكمتم علي بالنفي من البلاد ولم يبين لي سبب هذا الحكم القاسي، فهل هذا ما وعدتم به من العدل ؟ وأنا لا يهمني عقاب أحد بعزل ولا غيره لأجلي، فإن هذه الإساءة رفعت من قدري في نظر أبناء وطني، ولكن حاكم طرابلس أرسل إليكم جميع أوراقي ما عدا الأوراق الرسمية المتعلقة بالوقف، ولخصت له خبرها، فأنا لا أطلب إلا استرجاعها لأجل إتمام المعاملة الرسمية في الولاية بها، فظهر الاستياء على وجهه وكتب أمرًا بإلغاء حكم النفي معتذرًا عنه وأما أوراق الوقف فوعد بأن يحضرها معه، ثم ذهب إلى طرابلس وبحث مع حاكمها العسكري في ذلك وبلغني أن هذا قد احتج لنفسه بأن البوليس فعل ما تقتضيه وظيفته إلا إساءة المعاملة، وأما هو فلما علم بحقيقة الحادثة حولها إلى الولاية ولم يسئ في شيء – وقد صدق في هذا – وبلغني أنه وبّخ لبنان وصاحبه حنَّا وهدَّدهما، وهكذا كان شأن السلطة الفرنسية بسوء اختيار الموظفين، تقع في المشكلات وتحاول تلافيها فلا تحسنه ثم تعود إلى مثل ما اعترفت بقبحه لأنها لم تُزِل سببه وعلته. على أن إزالة ذلك ليس بالخطب السهل ولا محل لبيان ذلك هنا؛ لأننا لا نكتب ما نراه لتحسين الإدارة وإنما نكتب خلاصة تاريخية.
________________________
(1) كان في تلك الأوراق قوانين وقرارات بعض الجمعيات ومكتوبات من بعض المشهورين في سورية والشرق حتى الهند والغرب حتى مراكش فيها إطراء عظيم.
(2) لآل اليافي مودة لآل بيتنا منذ قرن ونيف على عهد أشهرهم الشيخ عمر اليافي الشاعر الأديب صاحب الديوان المعروف، ففي ديوانه بعض القصائد التي مدح بها جد والدي السيد الشيخ محمد الكبير وله فيه قصائد أخرى، ومنها تاريخ داره في القلمون وقد نقش على رخامة فوق بابها الكبير في أبيات من قصيدة وبيت التاريخ (بل كل من قد حلها، أرخ يراها خير دار)سنة 1232هـ