السؤال:
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
قرأت في كتب عدة عن كيفية غسل الميت لكن من كثرة الشروح لم أستطع تحديد الأمور الأساسية التي يجب القيام. فأرجو منك التوضيح و كيف يتم غسل المرأة و ما الشروط الأساسية التي يكون بها الغسل صحيحا.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الأخ الكريم السائل عن كيفية تغسيل الميت.
غسل الميت هو واجب كفائي، وليس واجبا عينيا بحيث لو قام به البعض سقط عن الآخرين. وكذلك معرفة تفاصيله أمر مستحب للمسلم، ولكنه لا يجب إلا على من يمارس هذا العمل متطوعا أو متخذا ذلك مهنة له.
أما عن طريقة الغسل:
يستحب أن يوضع الميت فوق مكان مرتفع ليسهل التحكم بغسله، ويجرد من ثيابه بعد أن يوضع عليه ساترا يستر عورته من السرة إلى الركبة، واستحب الإمام الشافعي رحمه الله أن لا يجرد الميت من كل الثياب وإنما يبقى عليه قميصا رقيقا ساترا لا يمنع وصول الماء إلى الجسد، ويغسل من تحت هذا الستر حفاظا على عدم كشف عورته.
وينبغي ألا يتواجد مع المغسل إلا من تدعو الحاجة إلى وجوده.
ثم يعم الماء على كامل جسده، ثم يلف فوطة على يده وينظف أنفه وفمه عن طريق مسحهما، ثم يمر بيده من تحت السترة التي وضعها على بطنه ويعصره عصرا خفيفا بحيث يزيل ما فيه من أذى، ثم يلبس كفا سميكا أو يلف منشفة على يده؛ لتنقية السبيلين حتى يطهره تماما، ثم يوضئه وضوءه للصلاة فيبدأ بالميامن ثم يتجه إلى الجهة اليسرى، ثم يغسله ثلاثا بالماء والصابون، فإن رأى الإنقاء والطهارة يكتفي بها وإلا له أن يزيد على الثلاث إلى الخمس أو السبع مرات؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لمن غسلن ابنته زينب رضي الله عنها ((إغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر واجعلن في الْآخِرَة كافورا أو شيئا من كافور فإذا فرغتن فآذنني فلما فرغنا آذناه فألقى إلينا حقوه وقال : ” أشعرنها إياه ” وفي رواية : ” اغسلنها وترا : ثلاثا أو خمسا أو سبعا وابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها ” . وقالت فضفرنا شعرها ثلاثة قرون فألقيناها خلفها)) متفق عليه.
والمقصود هنا: الوصول إلى كامل الطهارة والنظافة، وهذا من اهتمام الإسلام بالمسلم حيا وميتا، فإن كان الميت امرأة استحب تضفير شعرها وإرساله خلف ظهرها.
فإذا انتهى غسل الميت جفف بدنه بمنشفة أخرى جافة، ثم يوضع عليه الطيب في أماكن سجوده كالجبهة والأنف واليدين والركبتين وأطراف القدمين؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا جمرتم الميت فأوتروا)) رواه الحاكم وابن حبان وصححاه.
والتجمير معناه: وضع البخور وما كان في حكمه، كالمسك أو عطر الزهر أو الورود…الخ.
وإن كان للميت أظافر أو شعر غير مرغوب فيه فهل يترك أو يزال؟
قال الظاهرية بأن الأظافر تقص والشعر يزال حتى يقدم على ربه بهيئة حسنة، غير أن كثيرا من العلماء قالوا بكراهة قص أظافر الميت أو أخذ شيء من شعره.
ثم توضع يده اليمنى فوق اليسرى على بطنه كأنه في الصلاة، وكذلك رجله اليمنى فوق رجله اليسرى؛ ليكون جسده مجتمعا.
ثم يكفن بأكفان بيض نظيفة؛ لما رواه ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إلبسوا من ثيابكم البياض، فانها خير ثيابكم، وكفنوا فيها)) أخرجه أبو داود، والترمذي، وصححه، وابن ماجه، والبيهقي، وأحمد، وقال الحاكم:صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
ويستحب أن يطيب الكفن بالمسك أو العنبر أي: عطر له رائحة طيبة، وهذا إكرام المسلم.
ويكون كفن الرجل عبارة عن ثلاثة لفائف؛ فعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه و سلم كفن في ثلاثة أثواب بيض…رواه الجماعة.
قال سفيان الثوري: مما اتفق عليه الناس أن الرجل يكفن في ثلاثة أثواب، إن شئت في قميص ولفافتين، وإن شئت في ثلاثة لفائف، ويجزي ثوب واحد إن لم يجد ثوبين، والثوبان يجزيان، والثلاثة لمن وجد أحب إلي. وبه قال الشافعي وأحمد.
أما المرأة فتكفن في خمسة أثواب.
قال ابن المنذر: أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يرى أن تكفن المرأة في خمسة أثواب؛ من أجل الزيادة في الستر.
وبعد التكفين يعقد الكفن من ناحية الرأس، وكذلك من ناحية القدمين وذلك أحفظ للجسد، وليسهل حمل الميت ووضعه في التابوت، ثم يصلى عليه، وبعد ذلك يذهب به إلى المقبرة، ويتم إنزاله إلى القبر، فإذا وضع في قبره فكت عنه العقد التي في الكفن، ويوضع على شقه الأيمن، ويوجه وجهه نحو القبلة، ومن السنة أن يقوم فوق القبر من يذكر الناس بالاستغفار له؛ لحديث عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: ((إستغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل)) رواه أبو داود، والحاكم وصححه.
نسأل الله تعالى أن يرحمنا وجميع المسلمين برحمته الواسعة.
اللهم ارحمنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.