السؤال:
البارحة أخطأ إمام مسجدنا بالقرآن في صلاته، وحاول مرارا أن يصحح لنفسه فما أفلح، فاستفتحت عليه فوعى وتابع. فلما أنهى صلاته نادى على الملأ طالبا معرفة من شوش عليه، فلما رفعت يدي اتهمني بالرياء وقلة الأدب و … علما بأنه يعرف أني حافظ للقرآن.
فما كان مني إلا أن قلت له : بارك الله فيك، ولن أجيب درأ للفتنه ثم انصرفت.
فما قولكم في هذا الأمر شيخنا الكريم، وما قولكم في أن لا أصحح له في المستقبل ؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الأخ الكريم السائل عن جواز الاستفتاح على الإمام إذا أخطأ في القراءة.
أكثر العلماء قالوا: لا بأس بتذكير الإمام إذا أخطأ أو ارتج عليه في الصلاة، واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم: ((...إِنّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي…)) [رواه البخاري].
وقوله: ((…مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ الْتُفِتَ إِلَيْهِ وَإِنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ…)) [رواه البخاري ومسلم]. التَّصْفِيحُ والتَّصفيقُ واحدٌ.
قال ابن عبد البر: في الحديث دليل على جواز الفتح على الإمام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم من نابه شيء في صلاته فليسبح؛ فإذا جاز التسبيح جازت التلاوة.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى صلاة؛ فقرأ فيها، فَلُبِسَ عليه. فلما انصرف قال لأُبَي بن كعب: ((أصليت معنا ؟)) قال: نعم. قال: ((فما منعك؟!)) يعني أن تفتح علي. [ رواه أبو داود والطبراني والبيهقي وابن حبان وصححه. قال الألباني: إسناده صحيح].
قال الإمام النووي (وهو شافعي) : مذهبنا الاستحباب.
قال ابن قدامة في المغني (وهو حنبلي): إذا فتح على الإمام إذا ارتج عليه أو رد عليه إذا غلط فلا بأس به في الفرض وفي النفل.
قال الشوكاني: والحاصل أن الفتح على الإمام بالآية التي نسيها وبالتسبيح إذا وقع منه سهو في الأركان سنة ثابتة وشريعة مقدرة، فالقول بأنه من المفسدات للصلاة باطل.
من آداب الفتح على الإمام:
1- عدم تعجل المأموم بالفتح على الإمام إذا صمت؛ فلعله يسترجع أو يتعوذ.
2- ألا يرد على الإمام مجموعة من المصلين؛ حتى لا يشوش عليه، وإنما يرد واحد فقط.
3- لا ينبغي للمأموم أن يبادر بالفتح على الإمام إلا إذا كان متثبتا من خطأ الإمام وكان على ثقة من حفظه وليس من باب الشك.
4- إذا وقع لحن جلي من الإمام كأن يقول: “أنعمت” بالضم بدل الفتح في سورة الفاتحة، أما إذا كان اللحن غير جلي ولا يخل بالمعنى، ويخشى لو رد على الإمام أن لا يتنبه بل يرتبك ويشوش عليه فالأولى عدم الرد في هذه الحالة.
أما ما صدر من الإمام كما ذكرت فهو خطأ لا ينبغي لمثله فعله، خصوصا وهو يعلم أنك حافظ للقرآن كما قلت، فكيف يتهمك بالرياء وهو في مقام القدوة وأمام المصلين؟ وكان الأجدر له إن كان لديه ملاحظة عليك أن يقولها بينك وبينه، وليس أمام الملأ.
فالنصيحة واجبة، والفضيحة محرمة، وليست من أخلاق أهل الصلاح. والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.