السؤال:
شيخنا الفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا الآن متواجد في فرنسا في زيارة للأقارب، وعندما علم أحد الشباب “المتحمس” بسفري، قال لي: هداك الله.. سفرك خاطئ
قلت له: لماذا؟
قال: لأن المجاهدين (كما سماهم) يهددون بعمليات استشهادية (كما سماها) في فرنسا.
قلت له: هل من الممكن أن يستهدفوا مدنيين؟
قال: نعم… قتل أي فرنسي أو أي شخص في فرنسا حلال
أرجو منك شيخنا أن تبين الموضوع ليكون واضحا للعلن وبارك الله بكم
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
الأخ الكريم السائل عن حكم المدنيين في القتال.
قال تعالى: (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [البقرة، 190]
قال جمهور أهل العلم: إنّ كلّ من لا يقاتل لا يحلّ قتله من الكفّار.
قال شيخ الإسلام ابن تيميّة: إذا كان أصل القتال المشروع هو الجهاد ومقصوده هو أن يكون الدين كلّه لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا، فمن امْتَنَعَ عن هذا قوتل باتفاق المسلمين، وأمّا من لم يكن من أهل الممانعة والمقاتلة كالنساء والصبيان والراهب والشيخ الكبير والأعمى والزَّمِنِ (المريض) ونحوهم فلا يقتل عند جمهور العلماء، إلا أن يقاتل بقوله أو فعله.
قال الإمام الشافعي: إنّ الذين لا يحلّ قتلهم من الكفّار هم النساء والصبيان والرهبان والرسل (هم الذين يوصلون الرسائل إلى أعدائهم).
وفي قوله تعالى: (وَلَا تَعْتَدُوا إِنّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ) يقول الحسن البصريّ: ويدخل في ذلك ارتكاب المناهي من المُثْلَةِ، وقتل النساء والصبيان والشيوخ والذين لا رأي لهم ولا قتال فيهم.
ونقل ذلك عن ابن عبّاس رضي الله عنهما، وعن عمر بن عبد العزيز رحمهما الله.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : أنّه وُجِدت امرأةٌ مقتولةٌ في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قَتْلِ النساء والصبيان. وفي رواية: فأنكر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قتلَ النساء والصبيان. [رواه البخاري]
ومن العلماء من قال بأنّ الجهاد ليس القتل؛ لأنّ الله أرسل رُسُلَهُ مُبَلّغِينَ عنه، لا محاسبين للناس، فالقتل هو من باب دفع مفسدة الكفر عن الناس، وليس جزاءً للكفر.
والله أعلم. وصلّى الله وسلّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.