موقع بلدة القلمون في لبنان

بلدة العلم والعلماء

هل تدفع كفارة الصيام نقدا أم طعاما فقط ؟

السؤال: 

 هل يجوز أن ندفع كفارة الصيام نقوداً أم هي طعام وجوباً؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 الأخ الكريم السائل عن كفارة الصيام تدفع نقدا أم يجب الطعام فقط.

دفع زكاة الفطر نقدا أو طعاما وكذلك كفارة الصيام من المسائل التي فيها قولان للفقهاء:

الأول: ما ذهب إليه الجمهور مالك والشافعي وأحمد: قالوا بإخراجها طعاما؛ أخذا من قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من أقط) رواه البخاري ومسلم.

 

الثاني: ما ذهب إليه أبو حنيفة فأجاز دفعها نقدا. وممن قال بإخراجها نقدا بعض الصحابة، منهم معاوية رضي الله عنه، ومن التابعين: عمر بن عبد العزيز والحسن البصري، ومن تابعي التابعين: سفيان الثوري.  كما قال بها الإمام البخاري، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية. قال شيخ الإسلام: أما إخراج القيمة للحاجة أو المصلحة فلا بأس به.

وكما ورد في مصنف ابن أبي شيبة: عن أبي إسحاق السبيعي – وهو أحد أئمة التابعين – أدركتهم وهم يؤدون في صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام، والمقصود أنه أدرك بعض الصحابة؛ فهو من كبار التابعين الذين عاصروا نفرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

ودليل من قال بدفع المال نقدا ما فعله معاذ بن جبل رضي الله عنه عندما ذهب إلى اليمن، قال لأهلها : (ائتوني بخميص أو لبيس أسهل عليكم وخير لمن في المدينة من المهاجرين والأنصار) رواه البخاري عن طاوس عن معاذ معلقا.

وهذا شبيه بالثمن حيث عدل عن الطعام إلى اللباس؛ لأن الحاجة إليه أكثر وهو خير لمن في المدينة كما قال معاذ رضي الله عنه.

وهكذا ينظر إلى الخيرية أين تكون، وعلى ضوئها يقدر صاحب الزكاة أو الصدقات ماذا يعطي طعاما أو لباسا أو مالا.

وعلق البعض على فعل معاذ رضي الله عنه بأنه كان في الجزية حين استبدل اللباس بدل الطعام، غير أن المحقق أحمد شاكر رد عليهم مؤكدا أنه كان في الزكاة والصدقات وليس في الجزية.

والمسألة هي اجتهادية، والنظر إلى فقه النص لا يقل أهمية عن النظر إلى ظاهر النص، وما كان محل اجتهاد فلا بنبغي أن يبدع المخالف أو يشنع عليه طالما أنه نظر إلى مصلحة الفقير واستند إلى أدلة أهل العلم.

والراجح في هذا والله أعلم ما كان فيه مصلحة الفقير، فإن كان بالطعام أعطي طعاما وهو ما ذهب إليه الجمهور، وإن كان مصلحته في المال أعطي مالا وهو ما ذهب إليه أبو حنيفة وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم.

 نسأل الله القبول لكل من أعطى واتقى.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

الشيخ الدكتور أحمد عبيد حفظه الله

 

تمرير للأعلى